لا يكاد يخلو أي تقرير رسمي للمؤسسات الدستورية من توجيه انتقادات حادة لوزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بسبب الاختلالات العميقة التي يعرفها برنامج “فرصة”، الذي أطلقته الحكومة سنة 2022 بهدف دعم المبادرات الفردية وتمويل المشاريع الصغيرة عبر قروض بدون فوائد، مع إمكانية تحويل جزء منها إلى دعم مباشر في حال التزام المستفيدين بشروط الأداء والاستمرارية.
ورغم الزخم الإعلامي الذي رافق انطلاق البرنامج وتخصيص ميزانية ضخمة له تجاوزت 1.25 مليار درهم، إلا أن المؤشرات الميدانية والتقارير الرقابية كشفت عن اختلالات بنيوية ووظيفية شابت مختلف مراحل التنفيذ، خصوصًا ما يتعلق بآليات الانتقاء، ضعف المواكبة، غياب الشفافية في توزيع الدعم، وانعدام معايير واضحة لقياس الأثر الاقتصادي والاجتماعي للمشاريع.
الاحتقان بلغ ذروته بعدما خاض العشرات من حاملي المشاريع خطوات احتجاجية أمام مقر الوزارة، مؤكدين أنهم استوفوا جميع الإجراءات المطلوبة دون أن يتوصلوا بالتمويل، في حين تملصت الحاضنات من مسؤوليتها، محيلة سبب التأخر إلى وزارة السياحة.
هذا الوضع دفع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى دخول على الخط، حيث فتحت تحقيقات موسعة بخصوص نسب التعثر المرتفعة للقروض الممنوحة، مع التركيز على شبهات تجاوزات في تدبيرها، خاصة وأن مبالغ ضخمة من ميزانية الدولة رُصدت لدعم المقاولات الصغيرة والمبادرات الشبابية، دون تحقيق النتائج المنتظرة.
التحقيقات أظهرت أن غياب المواكبة الفعلية ساهم في فشل مشاريع عديدة تتراوح قيمتها بين 50 ألف و100 ألف درهم، مما جعل أصحابها مهددين بالمساءلة القانونية بسبب عجزهم عن سداد القروض.
وفي تطور مثير، كشفت مصادر مطلعة، أن المؤسسة الأم لإحدى البنوك المانحة للقروض بإقليم تارودانت أقرت رسميا بأن مدير الوكالة الذي وقع العقود مع المستفيدين لم تكن له الأهلية القانونية للقيام بذلك. وهو ما يجعل هذه العقود لاغية بقوة القانون وغير قابلة للاسترجاع.
ووفق نفس المصادر، فإن البنك لم يقم إلى حدود الساعة باقتطاع أي دفعات من حسابات المستفيدين، مما يطرح إشكالية كبرى: فكل مستفيد قد يرفض إرجاع القروض بدعوى بطلان العقود، وهو ما قد يكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة.
شارك هذا المحتوى :
إرسال التعليق